ولأنه موضوع طبي فيمكنني أن أكسر به صومي عن النشر منذ أكثر من 3 أشهر..
قبل الحديث عن فيروس كورونا، دعني أخبركم أن أكبر العيوب في الترند وحالات الهلع والخوف هو الإهتمام الزائد الذي يعمينا أحيانا عن كوارث أكبر.. إيبولا الذي التقت به البشرية من قبل ما زال يحصد الأرواح لحد الآن، ونسبته أضعاف نسبة الوفيات بالكورونا.. من نهاية شهر نوفمبر إلى الأسبوع الماضي كان هنالك 2238 ضحية ماتوا بسبب فيروس إيبولا.. أكثرهم في جمهورية الكونغو..
عودة إلى فيروس الكورونا.. الحديث الكثير عنه من الوسائط الإعلامية قد يهول الأمر أكثر من المفترض، وقد يصاحب الأمر أيضا نشرا لمعلومات مغلوطة بعيدة عن الصواب.. دعنا نتعرف عن الأمر من بدايته..
فيروسات كورونا عائلة تحتوي على العديد من الفيروسات، تتميز أساسا بوجود بروتينات سكرية على أغشيتها، مثل مجموعة مسامير مغروزة فيها.. قد يكون أشهر فيروسات هذه العائلة هو فيروس “سارس” (اختصار للمتلازمة الحادة للجهاز التنفسي) والذي اجتاح الصين بين عامي 2002 و2003، وتسبب في وفاة حوالي 774 شخصا حول العالم.. الفيروس الجديد ظهر في ديسمبر 2019.. تمت تسميته مؤخرا بـ “2019n-Cov” والذي يعني فيروس كورونا الجديد 2019 (وقد يتم تغيير الاسم لاحقا أغلب الظن)..
أثناء انقسام الفيروسات تحدث أحيانا بعض الطفرات.. ما يجعل فيروسات جديدة غير معروفة من قبل تظهر في كل مرة.. أغلب الحالات الأولى كانت لها علاقة بسوق لبيع السمك في ووهان بالصين.. أشارت إحدى الدراسات الأولى المنشورة بخصوص مصدر الفيروس، بعد دراسة التكوين الجيني له أن له علاقة بالأفاعي وقد تكون هي المصدر الذي انتقل منه نحو الإنسان.. ثم نشرت دراسة بعد ذلك يبدو أنها كانت أعمق وأشارت إلى أن المادة الجينية للفيروس الجديدة متقاربة لحد كبير مع فيروس منتشر عند الخفافيش، وأن الأفاعي قد لا تكون سوى ناقل وسط نحو الإنسان..
حسب الإحصائيات المقدمة لحد يوم 27 جانفي، فإن عدد الإصابات حول العالم في 25 دولة قد بلغ 2794 مصابا ووفاة 80 شخصا.. (هذا باعتبار أن الأعداد المقدمة من الصين صحيحة، لأن الكثير من المؤشرات توحي أن الأعداد أكبر من ذلك بكثير).. لكن نسبة الوفاة لحد الآن هي الأقل مقارنة بالفيروسات الخطيرة التي عرفناها من قبل.. حيث الإيبولا يقتل واحدا بين كل مريضين، و”سارس” الذي يأخذ مريضا من كل عشرة مرضى، فإن الفيروس الذي انطلق من ووهان يقتل مريضا من كل 50 شخصا أصيبوا به..
حسنا.. بالنسبة لانتقال الفيروس فقد أعلنت السلطات الصينية أنه ينتقل من الشخص المصاب به إلى الشخص السليم بداية من فترة تصل إلى يومين حتى عشرة أيام قبل ظهور الأعراض على المريض.. الانتقال يكون أساسا بالعطس، بمشاركة أدوات الأكل والشرب التي يلتصق بها اللعاب، بالتقبيل، بأي شيء يجعل الفيروس ينتقل من الجهاز التنفسي للإنسان المصاب به إلى الفم ثم إلى الجهاز التنفسي للشخص السليم..
يوم 24 جانفي 2020، ولأول مرة منذ بداية انتشار الفيروس، نشر علماء صينيون ورقة بحثية في مجلة The Lancet الطبية يصفون فيها أعراض الإصابة بالفيروس، اعتمادا على 41 مريضا تم تأكيد إصابتهم بالفيروس مخبريا.. وكانت الأعراض عامة تشبه أي إصابات فيروسية للجهاز التنفسي.. حرارة مرتفعة (38.1°)، سعال متواصل، أخيرا تعب شديد وألام في العضلات.. تختلف نسبة هذه الأعراض، فاحتمالية ظهورها متفاوتة.. الإسهال يظهر مثلا عند 3٪ فقط من المرضى، أما صعوبة التنفس فتصل نسبتها ل55٪ من المرضى وتظهر بعد حوالي 8 أيام من الإصابة بالفيروس، وتشكل أحد المضاعفات الأخطر المسببة للموت.. بالنسبة للعلاج فلا توجد أي وسيلة علاج حاليا، فالأمر يعتمد أساسا على علاج الأعراض فقط، ويحاول باحثون كثر حاليا تطوير علاج فعال وتطعيم ضد الفيروس..
كيف تحمي نفسك من خطر الإصابة به؟ ببساطة بالنظافة العامة.. ولأن سبب انتقاله هو اللعاب، فعليك ألا تشارك الشرب في كأس شخص آخر دون غسله.. أن تغسل يديك قبل أن تأكل أي شيء حتى تتخلص من أي فيروسات قد تتعلق بهما أثناء لمسك لمختلف الأمور خلال اليوم.. استعمل المنشفة الخاصة بك.. قلل من الأحضان والتقبيل مع الآخرين خصوصا إذا كان الآخر مصابا بالزكام.. استعمل الجل المطهر لليدين.. وأخيرا يمكنك أن تواصل استيرادك للمنتجات الصينية، فالفيروس لا يبقى في الجو من ساعات إلى يومين أو ثلاثة كأقصى تقدير (المعلومة الأخيرة تخص الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي بشكل عام، لكن خصائص هذا الفيروس بالذات فستتم دراسته بشكل أدق وتنشر أوراق بحثية عن خصائصه في الأيام القادمة)..
ادعمني بمشاركة المقال مع أصدقائك إن كنت تعتقد أنه يستحق ذلك 😌
انضم إلى قناتي على التلجرام حيث أنشر كلماتي، خواطري، مقالاتي ،مراجعاتي ،وبعض الفوائد المتناثرة التي أتعثر بها هنا وهناك.. على هذا الرابط: https://t.me/AbdelmadjidBlog