“حكايات مسافر”..

ما قدمه الأستاذ ياسين سليمان بوعصبانة في سلسلته الرمضانية عبر اليوتيوب كان محتوى مفيدا، رائعا، ملهما، محفوفا بمعاني الإنسانية والخير والحب والسلام.. منتقلا بين تركيا، الهند، عمان، ومجموعة من الدول الإفريقية.. حاملا معه قيمه باحثا عن تربة لزرعها.. مخترقا مختلف المجتمعات باحثا عن معاني الإحسان والخير فيها..

يبدو أن مجال أدب الرحلات لم يكن أمرا حيويا نشيطا على الأقل على المستوى الجزائري أو المحلي.. أو لم يكن يحظى بشعبية واسعة على الأقل.. يبدو أن اليوتيوب وفيديوهات الفلوڨ (vlogs) قد أحدثت ثورة كبيرة في هذا المجال بالضبط في السنوات الأخيرة.. لأسباب ومميزات كثيرة لن أتطرق إليها الآن.. ويحضرني الآن كتاب الأستاذ جابر حدبون ” حقيبة سفر ” كمنتوج محلي جديد في نفس المجال..

أتخيّل إنتاج سلسلة مثل هذه هو انتقال من مرحلة سهرات السمر مع “السائرين في الأرض” إلى مرحلة البرامج المصورة.. تلك السهرات التي ما تكون عادة مقتصرة على عدد محدود من الأشخاص إلى البرنامج المصور الذي يتجاوز كل الحدود الجغرافية والإجتماعية لتصل رسالته إلى أبعد ما يمكن..

لم تكن سلسلة تلفزيونية وأظن أن السبب عائد إلى إنتاجها في الأيام الأخيرة حسب ما أتذكر أني قرأته في إحدى الجرائد.. وربما ستكون كذلك في مواسم قادمة إن شاء الله.. فالعرض على التلفزيون إضافة إلى العائد المادي تجعل المادة تصل إلى داخل العائلة الجزائرية، وبالتالي إشهارا أوسع، وتشاركا أوسع للفائدة..

شكليا.. بدت لي شارة البداية بسيطة جدا، رغم أني أحببتها بمرور الحلقات، لكن وددت لو تكون بشكل أمتع، واحترافية أكبر، فجاذبية الشارة وسيلة هامة من وسائل جذب المشاهد للمتابعة.. أماكن تصوير الحلقات كانت رائعة جدا بشكل لا يصدق، حتى أني تمنيت أمسيات أو سهرات رومانسية هادئة في كثير منها، لما تتمتع من جمالية وجاذبية لا تقاوم..

دون تركيز كثير، يبدو أن الأستاذ لم يتبع معيارا معيّنا لترتيب الحلقات، من جانب طبيعة الموضوع المعالَج مثلا أو الدولة التي حدثت فيها وقائع القصص التي يحكيها في الحلقة.. ولا أعلم إن كان وجوده (أعني معيارا لترتيب مواضيع الحلقات) أمرا لازما أم لا.. حاول الأستاذ ياسين أن يصل لاستنتاج ما أو فائدة مستقاة في نهاية كل الحلقة، وُفّق في العديد منها، وبقيت أخرى يمكن للمشاهد استخلاصها..

عمل كهذا لا يمكن أن نمر عليه مرور الكرام.. طالما أنه برز داخل مجموعة كبيرة جدا من الإنتاجات المصورة التي لا تمت بصلة لا إلى القيم ولا تحمل أي معنى إضافي للمجتمع، غير نشر التفاهة والفراغ في أحسن الأحوال..

شكرا على هذا العمل، ونتمنى للأستاذ كل التوفيق في رحلاته وأنشطته.. ونتمنى موسما آخر أكثر احترافية من الجانب التقني والفكري على السواء..

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s