رمضانِي كريم ! كفرت بالتلفاز فيه..

بينما يهل علينا شهر رمضان ليكرمنا بأجوائه ولحظاته وروحانياته وجماله.. يسبقه الإعلاميون ليكرموننا بفيضان من برامج تليفزيونية.. بينما يحرص البعض منهم على أن تكون ذات فائدة فكرية أو ثقافية يحرص القائمون على القنوات الجزائرية على إنتاج ثلاث إلى أربع برامج “كاميرا كاشي” لكل قناة.. وباقة أخرى من برامج الطبخ، دون الحديث عن المسلسلات..

بين الروحانيات، البرامج الفكرية، والفكاهة قررت أن أكفر بالتلفاز كليًّا وباليوتيوب في رمضان هذه السنة.. قضيت الكثير بين مواده وفيديوهاته في رمضاني الماضي.. لكني أيقنت أني كنت أضيع أوقاتا، رغم فائدتها، كنت لأعود بفائدة مضاعفة لو قضيتها لما وجد له رمضان بالفعل..

لن أخاطب القنوات ولن أخاطب الإعلاميين ولن ألوم أحد.. ولا أدري إن كان الربط بين رمضان والبرامج التليفزيونية (وحتى الفكرية منها) يجب أن يتوقف.. أم أن الإكثار من البرامج ذات العائد المفيد هو الحل الأمثل أمام موجة التفاهة وإعلام السخافة !! ..

أعلم أن الإنسان يحتاج ليضحك و “يفرغ على قلبو”، لكن ألا يكون ذلك إلا في رمضان؟.. أليس من الأصل أن نتسم ببعض من الجدية مع أنفسنا وننتقل من مستوى منع الأكل والشرب والجنس (والذي يعد بداية الطريق) إلى مستويات روحانية أعمق؟.. أما عن البرامج المفيدة فالإكثار منها له نفس النتائج السلبية أو أقرب.. فالوقت في رمضان أثمن من أن نقضيه أمام شاشات هواتفنا وقنواتنا الفضائية..

أليس جديرا بنا أن نجعله شهر مراجعات لعلاقتنا بالخالق، بالعائلة، بالأصدقاء.. وشهر مراجعات لقراراتنا، وللجلوس إلى أنفسنا لنسألها: هل ما وصلنا إليه الآن هو ما كنا نريده طوال السنين السابقة ؟.. وأن نجعل منه وسيلة للغوص داخل أنفسنا وذواتنا لنسألها وتجيبنا بصراحة.. أليس من الجدير أن يكون شهر سكون وتأمل، بدل الفوضى والضجيج الذي يخلقه تسونامي البرامج المتتالية والإشهارات المتعاقبة؟..

صديقي.. اسمعني من قلبك..
كل البرامج يمكنك أن تتابعها بعد رمضان.. يمكنك أن تشاهد حلقات أي برنامج في يوم أو يومين..
صديقي، افتح قلبك لرمضان ودعه يخترقك.. دع بركاته تحيط بك وتجتاحك..
دعه يفعل ذلك وأنت في كامل استعدادك الروحي والنفسي..
ارتق بروحك وأذقها بعض الجمال..
حاول أن تعيش رمضان بحق.. رمضان بنسخته الحقيقية، لا التي صنعها الإعلام لنا..

رمضان مبارك.. كريم.. منير نيّر.. مليء بالخير.. أتمناه لكم..

الإعلان