لسنا أكثر من خلفاء لله على أرضه، خُلِقنا كي نضيف شيئا لهذه الحياة ونمضي، ثم يحاسبنا المولى عما قد قمنا به.. أن نعيش في هذه الحياة غارقين في التفاصيل اليومية، في روتين قاتل، فإننا لن نشكل أي إضافة حقيقية لهذا العالم.. لم نخلق عبثا.. خلقنا لهدف ما ولرسالة ما..
القضية هي الرسالة أو الفكرة التي يحملها صاحبها في قلبه إيمانا بها، وفي عقله أينما حل وارتحل، وكل ما يقوم به في حياته إنما يفعله لخدمة تلك الرسالة التي يؤمن بها ويحيا لأجلها.. يلهمنا الواقع الذي نعيشه بالقضايا التي علينا أن نعيش لأجلها، ولأننا قد خرجنا للعالم فوجدناه قد بلغ نقطة ما، فعلينا أن ننطلق منه لنستلهم منه دورنا والقضية التي علينا أن نحيا من أجلها، ثم نعود للواقع مرة أخرى لنضع بصمتنا فيه وتغييرنا الذي نأمله..
القضية فكرة نحملها في داخلنا، نُحدِّث بِها مَن حولنا من أهلنا وأصدقائنا.. القضية هدف ما، وبصمة إيجابية، ملؤها الخير للآخرين، وللإنسانية جميعا.. عندما لا نجد قضيتنا، علينا أن نعيش بحثا عنها، العيب أن نعيش دون قضية ودون هَمِّ البحث عنها.. قد نكتشفها مبكرا، وقد تساعدنا الأحداث والظروف التي نواجهها على ذلك، وقد نكتشفها في عمر أكبر.. أن نعيش ونخالط الناس ونقرأ ونطالع ونسافر ونسبر أغوار المجتمع وندرس واقعنا ونحلله هو كل ما يقربنا إلى قضيتنا أكثر..
العيش بلا قضية عيش بلا بوصلة.. ذاك الذي يحترق من أجل الإجابة عن الإشكاليات الفكرية والحضارية لأمته هو صاحب قضية.. والذي كرّس حياته لخدمة فئة من فئات المجتمع يعيش لقضية ما.. وذاك الذي قرر أن يقضي عمره في الدراسة من أجل إيجاد حلول لمشكلة ما علمية، فكرية، أو حضارية شخص يعيش لقضية ما.. والذي يقضي أوقاته من أجل إتقان عمله يعيش من أجل قضية..
أن تكون صاحب قضية لا يعني أن تكون ذكيا، ولا أن تكون صاحب منصب مرموق.. صاحب القضية هو كل شخص يمثّل إضافة إيجابية في محيطه.. إضافة عاملة متقنة ملهمة مليئة بالحيوية وكل معاني الخير.. أن تحمل قضية يعني أن تنبض بالخير وللخير..