كالمنسيين وحيدا، لا أصدقاء في الجوار، ولا أنترنت يمكن الولوج إليها لعل الأصدقاء الإفتراضيين يخففون عنا بُعد الحقيقيين..
كالبسطاء، وجبة خفيفة جدا، ذاك ما كان يفصل بين العام 2016 وحبيبه 2017 ..
لم يحدث في الحقيقة أي شيء مميّز في تلك اللحظة، تواصل السكون الذي ميّز الدقائق الأخيرة من 2016 ليحيط بالدقائق الأولى من صديقه 2017، بقيت التفاصيل كما هي، كل شيء بقي على حاله ..
كانت سنة 2016 سنة رائعة جدا، الكثير من الأخبار السارة هنا وهناك، الكثير من مشاريع الشباب، برامج إعلامية راقية تدخل الساحة، تكريم للعلماء، كتب جديدة، اختراعات وابتكارات رائعة، والكثير الكثير من الأحداث السارة المبهجة.. كانت هنالك في 2016..
بالمقابل..
كانت سنة 2016 سنة سيئة جدا، مليئة بالمآتم والجنائز، بالقتلى والأحداث، بالمجازر والمقاتل.. كانت حزينة جدا.. اختراق لحقوق الإنسان بكل مستوياتها .. مازالت الآفات التي تفتك بمجتمعاتنا تميّزنا بشكل لافت جدا، فقر، جهل، رفض للتفكير واستعمال العقل، تدنٍ لمستوى التعليم عامة، انتشار للآفات بين الشباب، لَهْوٌ و وعدم تحمل مسؤولية ذاك ما يميّز الشباب رغم كل العواصف والأعاصير التي تظهر وتختفي.. تنبه وتحذر .. لكن دون جدوى ..
أتعتقد أنني كنت سلبيا إلى درجة كبيرة؟!.. ربما ستكون محقا في ذلك.. لكن رغم ذلك يبقى ما ذكرته في الأول واقعا وحقيقة لا غبار عليها، نعيشها ونتعامل معها يوميا ..
لم يحدث شيء استثنائي قط في تلك الدقيقات يميز السنة الجديدة عن سابقتها..
ستحدثني عن الإحتفالات التي جابت أقطار الكرة الأرضية!! ..
شكليات لا أكثر..
احتفالات بالملايير على أنقاض الآلاف من القتلى ومئات آلافٍ أخرى من الجرحى وعدد ليس بقليل من الفقراء والعشرات من المشاكل الإجتماعية والإقتصادية..
حتى تلك الإحتفالات على الأغلب لن تتغير كثيرا، ستكون شبيهة بسابقاتها في السنوات الماضية.. وكالعادة ستنفق دبي الكثير والكثير، وسيعلن احتفالها كأكبر وأفضل احتفال ببداية الموسم كالعادة، وستلج عالم ڨينيس ربما، كما ولجته الكثير من الحماقات قبل ذلك..
كل شيء عادي، لا شيء مميّز أبدا ..
حتى تلك التهاني التي تجوب غرف المحادثات في المسنجر والواتساب هي نفسها أيضا، نسخ ولصق لا أكثر، سيتكلف أحدهم ربما كتابة تلك الكلمات مع بعض المبالغة في المشاعر، ثم يتكلف الباقون بنقلها.. ربما هي نفسها رسائل العام السابق، نفس الكلمات بنفس الأمنيات.. قد لا يكلفك أمر العثور عليها الكثير، على الأغلب سيتكفل الفيس بذلك عبر خاصية ” ذكرياتك “، ليذكرك بما كتبته في ذلك اليوم من السنة الماضية..
نهايات متشابهة، وبدايات أكثر شبها !!..
في الحقيقة تبادل التهاني ليس عيبا، ولا حتى نسخها ونقلها، بل هو أمر مستحسن.. العيب أن ينتهي كل شيء عند تلك الكلمات.. ليس عيبا أن تتخذ بدايات كهذه، بدايات جديدة لحياتك، لكن العيب أن يكون ذلك مجرد عبارات وشعارات تملأ بها حائط يومياتك.. يُعجب المتابعون بقوة وبلاغة كلماتها، ثم ما يلبثوا أن ينسُوا ويغفَلوا عن ذلك بعد منشورين أو أقل في قائمة ” أهم الأحداث ” .. والأسوء من ذلك أن تغفل أنت عن ذلك بعد دقيقات من التجول في العالم الأزرق..
لقد كنتُ متشائما جدا، أليس كذلك؟!.. ربما..
في الحقيقة ليس هنالك عصا سحرية لتغيير كل ذلك السوء..
بيد أن الوصفة تعتمد على الكثير من العمل والجهد المتواصل، على البذل والتضحية، عليك أنت قبل أي شخص آخر..
فكّر فيها وخمّن في محتواها، اسأل نفسك:
ماذا يمكنني فعله لأغيّر ذلك؟
وما علاقة ما يحدث حولي بي أنا ؟
هل لي يد في كل ذلك؟
ما محل إعرابي في هذه الحياة؟
ماذا يمكنني أن أقدم للعالم؟
والأهم هل وجدت قضيتي بعدُ، وقد انطلقت في نصرتها والدفاع عنها؟! أم أنني مازلت لم أعِ أصلا رسالتي في هذه الأرض؟
رجاء اسأل كثيرا وابحث أكثر..
كتبت المقال بمناسبة بداية سنة 2017 ولم يُكتب له النشر، وبقي حبيس مذكراتي سنة كاملة..
السؤال: هل تغيّر شيء ما؟
والأهم: هل تغيّرت قليلا؟
أرجوا أنك قد فعلت 🌸