عندما امتَلَك الڢيلا الجديدة الخاصة به، ذات المسبح الذي يتوسط الفناء، المطلة على بحيرة، بين مجموعة جبال، أصبح شخصا سعيدا بشكل لا يصدق.. لكن سعادته اختفت بشكل غريب ! بعد مرور ثلاثة أشهر من ذلك، ليعود إلى طبيعته وحالته السابقة، قبل امتلاكه لتلك الڢيلا.. !!
السعادة تلك المشاعر الإيجابية التي تجتاح شخصا ما، لسبب ما، تجعله في أفضل أحواله..
تختلف السعادة ومفهومها وتصورها من شخص لآخر.. بين من جعلها هدفا، وبين من جعلها وسيلة لهدف أسمى..بين من يعيش تفاصيلها بشكل يومي وبين من لا يؤمن بوجودها أصلا، وما يراه ليس أكثر من وهم !.. وبين من تجتاحه لأتفه الأشباب، وبين من تغرقه الدنيا بكل خيراتها وعطاياها، وتحرمه من السعادة !
قبل مدة، عندما أنهيت مشاهدة فيلم The pursuit of happiness (À la recherche du bonheur بنسخته الفرنسية) الشهير الذي أعجب به الكثير، ولاقى رواجا كبيرا، لِما يحمله من رسالة الجد والعمل والمحاربة ضد الظروف من أجل معيشة وحياة أفضل.. أصبت بإحباط ما.. بينما اندهش الجميع بنهايته السعيدة، وفرحوا بها، وأصابهم تحفيز لما يحمله الفيلم من رسائل عميقة، أصابني إحباط غير مبرّر !
أدركت بعد ذلك أن حدسي الذي خانني، هو سبب الإحباط !.. عندما سمعت عن رسالة الفيلم ومحتواه لم أكن أتوقع أن ينتهي بتلك الطريقة.. حسب مفهومي، وقبل خمس دقائق من انتهائه، كنت أعتقد أنه ما يزال في وسط رحلة بحثه عن السعادة.. خلال الفيلم كان يعتقد البطل أن كامل السعادة تكمن في وظيفة مرموقة يتحصل عليها.. توقعت أنه سيتحصل عليها، وعندما يختفي بريقها ويعود لمشاعره التي كان يحياها قبل حصوله عليها، سيدرك أن معاني السعادة الحقيقية والأبدية، طويلة الأمد، أعمق وأكبر وأجل من أن تختزل في “وظيفة عمل” .. لكن الفيلم انتهى هناك..
هناك ظاهرة تسمى “طاحونة المتعة” !.. إننا نعمل ونترقى ونشتري أجمل وأكثر لكننا لا نصبح سعداء للأسف !.. تصيبنا السعادة 3 أشهر على الأكثر، لتغادرنا بعد ذلك ! فنجد أنفسنا لاهفين وراء مصدر آخر للسعادة..
قد تزيد مدة السعادة أو تنقص من شخص لآخر.. حسب الجنس (ذكر أو أنثى) وحسب مصدر السعادة، وحسب البيئة الإجتماعية.. فالألبسة الجديدة بالنسبة للأنثى قد يختفي بريقها في أقل من أسبوع، لتجد نفسها في حاجة للحصول على المزيد !..
السعادة الحقيقية، طويلة المدى، تتعلق بالكيفية التي نمضي بها أوقاتنا.. وبكمية الأوقات التي نقضيها في عيش شغفنا.. السعادة الحقيقية منبعها من دواخلنا، نحملها هناك.. ولا تحملها الأشياء المادية خارجنا.. نحن من نحمل السعادة وننشرها، ونمتلك منابعها التي لا تنضب هناك في أعماقنا.. أما السيارات والمنازل والألبسة فهي تحمل سعادة مؤقتة.. لا تدوم طويلا حتى تصبح أمرا معتادا لا مميّز فيها..
المميّز هي سعادتك المولودة من داخلك أنت..