سورة الكهف التي نقرأها كل جمعة.. مالذي ميزها وجعلها تستحق أن تكون بداية كل أسبوع؟
القصة الأولى من سورة الكهف.. قصة الفتية.. فكرة دون قوة.. نزول مبكر للفكرة في وقت غير مناسب، كان سيؤدي إلى إجهاضها، وربما تأخير موعد نزولها أكثر وأكثر..
وهكذا فإن أفضل المشاريع والأهداف يمكن أن تجهض لو وضعت في البيئة الخاطئة أو التوقيت الخاطئ.. بالضبط كطفل يمكن أن يموت لو أنه ولد قبل أوانه..
القصة الثانية، المؤمن والكافر يتحاوران.. إذن المؤمن صار قويا هنا.. لقد صار المؤمن والكافر ندّين هنا من ناحية القوة، تمكن المؤمن من أن يمتلك القوة اللازمة ليكون صوته مسموعا ويحاور الكافر..
القصة الثالثة.. موسى والخضر.. لم يعد مهما أن تزيد القوة في هذه المرحلة.. صار من المهم أن تكون القوة حكيمة، واقعية، تفهم الواقع وتشعباته ومتطلباته.. إذن هي مرحلة تطبيق النصوص على الواقع.. وإن لم يكن هذا التطبيق مرتبطا بحكمة في فهم النص وفهم الواقع، فإن ذلك قد يؤدي إلى كوارث.. ( خرق السفينة مناقض للشرع لأنه ضد الحفاظ على الممتلكات، لكن فهم الواقع يجعلنا ندرك أن خرق تلك السفينة بالضبط هو حفاظ لها، لأن الملك لن يأخذها وهي معيبة.. لو طبّق الشرع هنا من أجل حفظ السفينة، لضاعت السفينة ولم يحصل الحفظ، لذا فإن فهم الواقع أمر غاية في الأهمية )..
القصة الرابعة والأخيرة.. قصة ذي القرنين والحضارة العظيمة التي أقامها.. حضارة عدل واتباع للأسباب والسنن في الوقت نفسه، حضارة إيمان وعلم وقوة وعدل في وقت واحد ( لكل كلمة من الكلمات السابقة مفهوم عميق، فهي ليست مجرد سرد لمجموعة كلمات ).. ليست قوة صواريخ و دبابات ( وإن كانت لا تستثني ذلك ).. لكنها قوة اتباع الأسباب، الحق والقوة والعدل وفهم الواقع، كلها معا.. أوصلت لهذا النموذج الأعلى.. قمة سورة الكهف..
بدأت السورة بفتية خائفين على إيمانهم، وانتهت بذي القرنين صاحب حضارة قوية مؤمنة وعادلة..
من فكرة الحضارة التي تحتاج لحاضنة.. إلى النموذج الأعلى الأكثر إنارة.. سورة واحدة تقدم لنا قصة الحضارة..
تمنحك السورة نورا بين جمعتين، كالمصباح اليدوي، يمنحه إياك القرآن الكريم لكي تستكشف طريقك بين جمعتين.. لكي تعرف أين أنت بالضبط من هذه المراحل.. نورا في سبعة أيام وسبع ليال!
خذ المصباح، وجهه لأعماقك..
فتش فيها عن الطور الأكثر ملاءمة لك حاليا..
ولا تنس الأطوار الأخرى.. يا صديق!
هذا تلخيص لحلقة “سبعة أيام وسبع ليالٍ” من برنامج “لا نأسف على الإزعاج” لـ د.أحمد خيري العمري..
مدونة عبد المجيد الشيخ بالحاج 