قراءة في رواية : عذراء قريش لجرجي زيدان..

رواية ” عذراء قريش ” ..

من سلسلة روايات تاريخ الإسلام..

أعارها لي أحد الأصدقاء لقراءتها مشكورا ^^ ..

انتهيت منها لتوي، حاولت أن أدوّن مختلف الملاحظات أثناء رحلتي معها، ثم أعدت ترتيبها وجمعها بعد ذلك:

#أولا : شخصيا لم أطالع روايات كثيرة من قبل.. وهذا الطابع من الروايات لم ألتق به من قبل.. ” روايات تاريخ الإسلام “، حاول المؤلف من خلال سلسلةٍ بحوالي 22 رواية، تقديم التاريخ الإسلامي على نمط روائي..

#ثانيا: تروي الرواية الأحداث من قبيل مقتل عثمان، إلى موقعة صفين وعزل علي عن الخلافة..

#ثالثا: من أهم النقاط التي يجب الإشارة إليها، أن الكاتب حاول أن يجعل روايته مزيجا بين العقدة التاريخية والعقدة الغرامية، وهذا ما عبته فيه منذ أن بدأت في قراءة الرواية.. لأني لا أحب الروايات الرومانسية والغرامية أصلا.. فلو اعتمد على عقدة فكرية مع العقدة التاريخية لكانت روايته دسمة جدا.. لكنه كان ذكيا واختار ما يجعل أمر كتابة الرواية سهلا بالنسبة إليه ( لأن اعتماد العقدة الفكرية، سيتطلب منه الكثير من الجهد )، وما يجعل الرواية تلقى قبولا من الشعوب العاطفية بطبعها..

#رابعا: الرواية مليئة جدا جدا جدا بالأخطاء المطبعية، حتى ظننت أن من قام بمراجعتها كان على عجلة من أمره.. أخطاء كثيرة أغضبتني في مواقع كثيرة، لأنها تجعلك تصرف الكثير من الجهد حتى تركّز على تتابع الأحداث.. ومحاولة ترقيع الأخطاء أمر متعب جدا..

#خامسا: لمست بعض التناقضات أثناء رحلتي مع الكتاب.. إحداها حوار طويل أخذ ورد بين رجال وامرأة متنكرة بلباس الرجال ومغطية لوجهها، ثم يذكر الكاتب أنهم بعد كل ذلك لم يتبنوا أو لم يدركوا إن كانت رجلا أم لا !!.. والأخرى، تلك البنت التي يصوّرها بالشجاعة والبسالة والإقدام، والدفاع عن الحق والإسلام بكل ما أوتيت من قوة، والذي لا يكف عن إظهار ذلك في كل مرة، حتى أنها تحدث جموع المسلمين في حضرة الخليفة، كل هذا ينتهي بها الحال في آخر كلمات الرواية بموقع لا يمت بصلة لمؤمن ومسلم يحمل عقيدة الحق بين طياته، تلقي بنفسها في نار يحترق فيها حبيبها ( وهو ابن أبي بكر ووالي مصر في تلك الحقبة ) تلقي بنفسها وهي تلعن قدرها !!، كان يمكن أن تكون النهاية أجمل من ذلك بكثير..

#سادسا: أتحفظ على بعض محتويات الخطابات في روايته، على لسان الخليفة علي، وبعض شخصيات الصحابة، هي من حبكه ( كما أعتقد )، فقد وقع في أخطاء مفاهيمية، لا أدري إن كان ذلك عمدا وإدراكا كاملا لتلك المفاهيم وأبعادها..

#سابعا: يصور من خلال روايته أن المصافحة بين النساء والرجال الغرباء عنهن أمر عادي، حتى مع خليفة المؤمنين، ويعيد ذلك في أكثر من موقف وكأنه يصر على ذلك إصرارا.. لا أدري إن كان ذلك اعتمادا على المراجع التاريخية ( التي ذكرها في أول الكتاب ) أم أنها محاولة منه لإظهار تلك الحقبة كما يريدها أن تكون..

#ثامنا: وبما أن أحداث الرواية كانت في عهد علي – كرم الله وجهه – فإنني قد توقعت منه حديثا عن المحكمة والخوارج وما إلى ذلك، لكنه لم يذكرها إلا مرة واحدة، في موضع كأنه حاول حشرها عمدا، كان يمكنه تجاوزها.. ذكرها في وصف العصبة الذين عارضو عليّا ورضوا بالتحكيم بأنهم سيكونون خوارجا فيما بعد..

#تاسعا: مع الفصول الأخيرة وتوفيقا بين عقدة الرواية التاريخية والغرامية، جعلت الكاتب يصور تلك الفتاة كأنها الرحالة ابن بطوطة، من المدينة إلى دمشق إلى الأقصى إلى البصرة والكوفة وإلى مصر، وذكر أكثر من مرة أنها كانت تصل الليل بالنهار أثناء سفرياتها ولم تكن تنم الكثير!!.. وهذا عيب نوعا ما في الرواية..

#عاشرا: قص الراوي حادثة وقوف علي على قبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والحوار الذي أطلقه علي في ذلك الحين، في حوالي صفحتين كاملتين من الكلام، كان قد وصف حال الناس قبل الإسلام ثم بعد الإسلام، ثم بعد وفاة الرسول إلى عهد عثمان ثم شكا له الفرقة بين المسلمين.. ما أعارض المؤلف في ذلك الحوار، هو شكوى علي لرسول الله وهو في قبره حال الأمة، ثم توسيطه لرسول الله ( اتخاذه واسطة ) كي يدعو الله كي يصلح حال الأمة.. ونحن نعلم أن هذا في العقيدة شرك واضح، فلا واسطة بين العبد وربه، واللجوء للموتى والأولياء وطلب الوساطة منهم شرك بالله، فلا أظن أن عليا سيفعل ذلك.. فهو جهل واضح وبيّن..

#قبل_الأخير: شخصيا لا أدري ما قصة أسماء بنت يزيد بطلة الحبكة الغرامية في روايته مع محمد بن أبي بكر الصديق !! من هي بالضبط؟!.. حسب بحث صغير جدا، فإن طريقة وفاة محمد في نهاية الرواية صحيحة، لكنه كان متزوجا قبل ذلك بكثير، وله ولد اسمه القاسم بن محمد.. أما عن أسماء، فلم أجد شخصا بهذا الإسم يطابق ما ذكر في الرواية.. لذا أظن أن الحبكة الغرامية التي أضافها للتاريخية خيالية تماما ولا أصل لها..

كانت الرواية معطرة بما يكفي لأتخيل أن ذلك العطر هو رائحة الأجواء في تلك الحقبة.. يبدو أن قارورة عطر قد سُكبت عليه..

#أخيرا، إن كنت تريد قراءة التاريخ الإسلامي، بطريقة مسلية أكبر، وأحسن من السرد المتواصل الممل، فأنصحك بالأسلوب الروائي، فهو – على ما أظن – كفيل برفع الملل.. لكنني أدعوك أن تكون يقظا جدا، محللا،مناقشا، ومسائلا.. لأنك تتعامل مع التاريخ، وكتابة التاريخ مقترن بالكثير من الإشكالات..

من أهمها ” ما دام المؤرخون بشرا، فلا تزال القصص والروايات تمجّد الصيادين “..

بعد كتابتي لكل هذا، دخلت على صفحة الكتاب على goodreads كان تقييمه 3.21، وبتتبعي للتعليقات وجدت أنه تعرض لانتقاد واسع جدا، واتهمه الكثير بالتزوير والمبالغة في بعض الأحيان.. لكم أن تطلعوا على ذلك..

أعتذر عن الإطالة ..

دمتم بخير..


ادعمني بمشاركة المقال مع أصدقائك إن كنت تعتقد أنه يستحق ذلك 😌

انضم إلى قناتي على التلجرام حيث أنشر كلماتي، خواطري، مقالاتي ،مراجعاتي ،وبعض الفوائد المتناثرة التي أتعثر بها هنا وهناك.. على هذا الرابط: https://t.me/AbdelmadjidBlog

الإعلان

2 Comments اضافة لك

  1. Mustapha BOUCHENE كتب:

    اسمح لي أن أبدأ التعليق بالقول تبا لنظام التعليق. (كتبت تعليقا مطولا ثم طلب مني تسجيل الدخول)
    قراءة مستفيضة وملاحظات نقدية ممتازة 👌
    في هذا النوع من الروايات أرشح روايات الكاتب نجيب الكيلاني حبكة مميزة ومصداقية تاريخية معتبرة ولا يكثر من البهارات الغرامية على حساب الحقائق التاريخية، كما أنه يضيف بعضا من الفكر (بالشكل الذي يجعله مهضوما).
    ومن أحسن ما قرأت له رواية “عمر يظهر في القدس” وهي رواية خيالية-تاريخية إذ يأخذ شخصية عمر بن الخطاب الحقيقي ويدمجها في القدس في عصرنا الحالي بشكل ممتع.

    إعجاب

    1. جميل جدا.. شكرا على الترشيح 😊

      Liked by 1 person

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s